القائمة الرئيسية

الصفحات

قوى الثورة المضادة وثلاثية مرسي الفاشى الفاشل الضعيف

كانت هذه هى المحاور الثلاث التى ارتكزت عليها قوى الثورة المضادة للانقضاض على ثورة 25 يناير متمثلة فى المكسب الوحيد لها الا وهو أول رئيس منتخب ديمقراطيا .. كان انتخاب رئيس هو أول درجة فى سلم الديمقراطية التى حلم بها الثوار وحلم بها معهم قطاع كبير من الشعب على الرغم من أنه حقا لم يكن فى هذا الوقت يفقه معناها .. لست هنا فى موضع دفاع عن مرسي أو تبرير لقرارات اتخذها .. فلست سوى متابعة شلأحداث ثورة كنت أتمنى لها الفلاح ككثير من الناس .. لفتنى فقط أننى ما زلت أرى هذه الاتهامات الثلاث إلى اليوم .. والظريف أنها لا تصدر عن أنصار الثورة المضادة .. بل انها تصدر من مؤيدى ثورة يناير وكأنها شماعة لطيفة علق عليها الجميع أخطاءهم وناموا وهم مرتاحوا الضمير .. وهنا أود أن أفند الاتهامات الثلاث باختصار شديد .. كنت أتمنى لو أن قارئ اليوم لا يمل من القراءة وإلا كنت أفضت فى السرد ..


  مرسي الفاشى ...

ردد الناس هذا الوصف الجديد الذى يسمعونه لأول مرة ويبدو أنه أحدث جرسا موسيقيا ممتعا فى الآذان فبدءوا يرددونه ولا أعلم أيكررونه عن فهم أم لا .. هذا اللفظ يعنى باختصار (السلطة المطلقة) .. انفرد مرسي فى نظرهم دونا عن كل ديكتاتوري العالم بأنه جمع كل أطياف الفاشية فى يده .. فهو فاشى دينى .. فاشى سياسي .. فاشى عسكرى .. سيطر بإخوانه على الرئاسة .. وعلى الدستور .. وعلى البرلمان .. وعلى الأزهر .. وعلى التعليم .. وعلى الجيش والشرطة .. وعلى الإعلام .. إلخ ..
.. قام سوبر مرسي فى عام واحد ملئ بالاضطرابات والرفض لوجوده بأخونة مصر بل والمنطقة كلها .. ولكن التهديد الأقوى الذى استثمر بشكل قوى وآتى ثماره كان الترويج لفكرة الفاشية الدينية .. فمرسي ذلك الاخوانى المتشدد سيغير هوية مصر ويحولها إلى دولة اسلامية ! ياللهول !
وعليه خاف الرجال على ذقونهم والنساء على حريتهن فى شكل اللبس .. وأعلن كثير من أبناء الشعب المصرى المتدين بالفطرة أنه يرفض رئيسا يعلمه دينه .. لأنه ليس نبيا ولا صديقا .. وجدير بالذكر أنه هو نفس الشعب الذى يصفق الآن لرئيس لا يخلو له خطاب من الشرح والتوضيح لطبيعة الاسلام الوسطى الجميل .


 مرسى الفاشل ..

هذا الفاشل هو أستاذ دكتور ورئيس قسم بكلية الهندسة .. حصل على الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية .. مارس العمل السياسي منذ عودته الى مصر كعضو فى البرلمان الى ان حصل فى عام 2005 على لقب أفضل برلمانى فى العالم .. ثم أصبح بعد الثورة رئيسا لأكبر حزب فى مصر .. ثم ترشح للرئاسة وفاز بها .. لا يستقيم لدى أن هذه المقومات يمكن أن تصنع رئيسا فاشلا .. ربما أتقبل أن يكون قليل الخبرة نظرا لما قام به نظام مبارك من تجريف للتربة السياسية .. ونظرا لافتقادنا لوجود رئيس منتخب .. فمن أين لأى سياسي أن يتعلم كيف يتعامل من خلال هذا المنظور الجديد مع شعب فى غالبه يتعامل مع السياسة من منظور الواد مزيكا فى مسرحية المتزوجون .. لكن من الصعب أن اتقبل أن يكون مرسي فاشلا الى الدرجة التى يغرق بها السفينة .. وأعتقد أنه ظهرت فى الآونة الأخيرة دلائل كثيرة تثبت أن الرجل بذل مجهودا كبيرا وأن حكومته أعدت الكثير من المشروعات للنهوض بمصر والتى نسبها النظام الحالى لنفسه استنادا على على الذاكرة الذبابية للشعب العريق .


مرسي الضعيف ..

أما هذا الوصف فله خصوصيته لاشتراك مؤيدى مرسي ومعارضيه في الترويج له .. وأرى هنا أن المؤيدين كان لهم نصيب الأسد فى ترسيخه .. كانت آمال الثوار أعلى وأكبر بكثير من الواقع المتاح .. وكان من الصعب على مرسي وهو فى السلطة أن يوضح ذلك .. كانوا يريدونه أن يخرج فيصارحهم .. لا أدرى أكان يخرج ليقول .. أن لا أستطيع أن أفعل أكثر .. أيخرج ليقول أن الجيش مازال يسيطر .. أيخرج ليقول أنه محاط بخونة .. كان مرسي يتصرف كرئيس دولة فلا يجوز أن يخرج ليخوّن .. والا يكون قد قسم البلاد بالفعل .. لا يستطيع ان يذكر الجيش .. فهو يعلم مدى حب الناس لجيشهم وتعلقهم به .. ثم خبرونى بالله عليكم .. ماذا كنتم ستفعلون لو خرج يوما على الشاشات فأخبركم بهذه الأمور ! كنتم ستخرجون بأعداد غفيرة ؟! ثم ماذا ؟! لا شئ كان سيحدث سوى رابعة فى وقت ابكر ..
كانت استجابته لحل البرلمان ثم اللجنة الأولى لوضع الدستور ثم الغاء الاعلان الدستورى هى ربما ما رسخ لدى مؤيديه فكرة ضعفه وتردده .. سهل أن تنقد مباراة فاصلة من المدرجات .. لكن من الصعب أن تكون أنت المدرب .. لو أن أحدا كلف نفسه عناء التفكير فى (ماذا لو لم يفعل) لهدأت نفوس كثيرة .أما أهم ما اتهم مرسي بالضعف لأجله كان عدم تحركه لتطهير المؤسسسات عقب اقالته لطنطاوى وعنان .. وهنا لدى سؤالين .. أكان مرسي يستطيع حقا أن يقيل هذين دون موافقة من الجيش ؟! ما هو حجم التطهير الذى كان سيقوم به .. ازالة الرءوس أم الرءوس والفروع ؟! هل يمكن أن يفعل وقد استشرى الفساد حتى أصبح كالهواء الذى نتنفسه .. وأنا أخاطبكم هنا .. كم عدد الفاسدين فى المؤسسات التى تعملون بها ؟! ما هو حجم التطهير الذى تتخيلونه ؟! ألم يقم بإقالة رءوس كثيرة فى الشرطة .. فنكتشف أنهم القادمون لا يختلفون ذرة عن الراحلون !


إن أى رئيس يحكم دولة لابد أن يستند على احدى قوتين .. فإما ان يستند إلى جيش يدعمه .. أوإلى شعب يحمى ظهره .. لم يمتلك مرسي لا هذه ولا تلك .. كان رئيسا ذو صلاحيات ثورية دون جهات تنفيذية ودون شعب متوحد فى أغلبه خلفه يضغط لينال .. كان مرسي يعلم ذلك ولهذا كان يضطر للتنازل أحيانا وللتحايل أحايين .


تعاملنا مع مرسي وكأننا نعيش حالة من الاستقرار ولدينا رفاهية الاختيار والنقد والتقريع .. ولم نفطن إلى أننا كان يجب أن نكون أكثر جدية فى التعامل مع الثورة .. تعاملنا بمنطق اليهود حين قال لهم الله اذبحوا بقرة .. فما كان منهم الا أن تدللوا .. يا رب .. مالونها ؟ كيف شكلها ؟ ان البقر تشابه علينا .. حتى عاقبهم الله بأن دفعوا الكثير ليحصلوا عليها ...
ولا نعلم نحن .. هل ما دفعناه ثمنا للبقرة يكفى للحصول عليها ..أم أنه ما زال هناك الكثير لندفعه .
Reactions:

تعليقات