القائمة الرئيسية

الصفحات

مسارات لثورة مصر القادمة أي منها سيختار الخليج؟


ثلات مسارات تهمين على مستقبل مصر جميعها ترتبط بشكل جذري بموقف دول الخليج من الموجة الثورية المرتقبة والتي توقعها كثير من المراقبين بل وأطراف محسوبة على معسكر النظام المصري منهم بعض أذرعه الإعلامية، فإما أن تأتي موجة قوية تقتلع النظام تؤيدها وتدعمها دول الخليج حفاظا على الدولة المصرية بحيث تساهم في عملية انتقال سياسي آمن تؤمن مساره بالتدخل المباشر، أو تترقب عن بعد وتمارس الحياد وتترك الأمور لتطوراتها الطبيعية وهذا خيار مكلف لأنه قد يعرض البلاد للدخول في سيناريو الحرب الأهلية والدولة الفاشلة، أما المسار الثالث فهو محاولة إجهاض الثورة مبكرا بإعادة دعم نظام السيسي وترشيده وتحسين سياساته تجاه المنطقة والقوى الفاعلة داخل مصر، أو إجباره على الدخول في مصالحة سياسية مع جماعة الإخوان المسلمين الرقم الصعب في المعادلة السياسية وأي تسوية مرتقبة قادمة.

موجة ثورية قوية

نذر موجة ثورية قوية بشر بها إعلاميون موالون للانقلاب في مصر والجنرال عبد الفتاح السيسي معربين عن قلقهم من تزايد دعوات الحشد لثورة ثالثة في 25 يناير المقبل الذي يوافق الذكرى الخامسة لثورة يناير. مؤكدين أن عوامل اندلاع ثورة شعبية كبيرة في مصر متوافرة، محذرين النظام من خطورة عدم التعامل بحكمة مع هذه التهديدات، معترفين بتزايد الضغوط على النظام الحاكم، ومعاناة المصريين من أزمات اقتصادية واجتماعية طاحنة، على رأسها وقائع التعذيب داخل أقسام الشرطة بحق المواطنين، وارتفاع الأسعار وتفشي الإهمال والفساد، وانتشار الإحباط واليأس بين المواطنين.

وقال الإعلامي عمرو أديب: إن هناك تزايد للحديث عن قرب اندلاع ثورة ثالثة في مصر، متسائلا "هو الشعب ده مش وراه غير يعمل ثورة يوم آه ويوم لأ؟ انتو مبتتعبوش؟".وأعرب أديب، خلال برنامجه على قناة "اليوم"، عن قلقه من هذا التوجه، قائلا "ليه كل ما تحصل مشكلة في أي حاجة في البلد نقول العودة للميدان؟ المصريين بيتلككوا عشان يعملوا ثورة جديدة".وأشار إلى أن حال البلد "زي الزفت". مطالبا المصريين بتأجيل قيامهم بالثورة لمدة عام واحد، قائلا "ممكن نأجل الثورة السنة دي ونخليها السنة الجاية؟

وخوف "أديب" المصريين من عواقب الثورة على النظام، قائلا "انتوا نسيتوا الأيام اللي مكنش فيها جيش ولا شرطة ومكناش بنعرف ننزل من بيتنا؟"، مشيرا إلى أن الثورة هذه المرة ستدمر مصر تماما."

من جهته حذر معتز بالله عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، من دعوات البعض للقيام بثورة جديدة، وقال في برنامجه الإذاعي على راديو مصر، الاثنين، "مش كل شوية نعمل ثورة ونسقط النظام".

التعذيب شرارة الثورة

بدوره انتقد الإعلامي محمود سعد، بشدة تزايد حالات التعذيب داخل أقسام الشرطة في الآونة الأخيرة، محذرا الدولة من أن امتهان كرامة المواطنين سيولد غضبا عارما "إحنا مش قده"، على حد قوله، وذلك خلال برنامجه على قناة النهار.

جاءت ثورة 25 يناير بالأساس للقضاء على انتهاكات وزارة الداخلية وعمليات التعذيب الممنهجة، وتفاقم هذه الظاهرة قادر على إشعالها مجددا، وكانت مصر قد شهدت خمس حالات وفاة داخل أقسام الشرطة خلال أقل من أسبوع، وهو ما أثار موجة من الغضب تجاه الداخلية طالت حتى مؤيدي النظام. ودشن نشطاء هاشتاج على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "#الثورة_قادمة" حظي بتفاعل كبير خلال الأيام الماضية. هذا بالإضافة لعشرات الآلاف تم الزج بهم بالسجون والمعتقلات والأقسام بسبب معارضتهم للنظام الانقلابي الجديد معظمهم من الشباب وطلاب الجامعات بحسب ناشطين.

تعارض المصالح هل يطيح بالسيسي

استياء متصاعد من سياسية الجنرال السيسي، حيث ذكر موقع "ميدل إيست مونيتور" في لندن أن تحولا جاريا في العلاقات السعودية المصرية، ونقل التقرير عن مصدر سعودي، ما قاله مستشار لسفير السعودية في لندن الأمير محمد بن نواف، حيث قال المستشار: إن السيسي يعيش في عالم من "الأوهام" التي لا تمت للواقع بشيء. مشيرا إلى أن هناك تحولات مهمة في العلاقات بين السعودية ومصر.

وأورد الموقع نقلا عن مستشار السفير السعودي في لندن نواف عبيد، قوله: "تفكر السعودية جديا بإعادة تقييم العلاقات مع حكومة السيسي في مصر، بعد الكشف عن أخبار مدهشة عن الرئيس المصري". وأضاف: أن "الوضع الاقتصادي في مصر لا يمكنه الاستمرار، وأن السياسة الخارجية اللاعقلانية، التي يتبعها السيسي، ستجبر السعودية على اتخاذ موقف آخر منه".

وأشار التقرير، إلى أن عبيد استشهد بقول جنرال مصري سابق قال: "لو لم يلتفت السيسي للوضع في مصر، ولم يقم بالتخلص من المستشارين غير المؤهلين، فإنه سيواجه قريبا مصير مبارك ذاته".

ولفت الموقع إلى أن "عبيد" علق على هذه التحليلات في حسابه الخاص على "تويتر"، قائلا: "سيرتد وهم السيسي ومستشاريه غير المؤهلين ضده قريبا. ولن تصبح مصر في ظل قيادة السيسي حليفا أو صديقا أو شريكا للسعودية، أو أي دولة في الخليج".

السيسي والمحور الروسي الإيراني

وأشار التقرير إلى أن الكاتب السعودي مهنا الحبيل، علق على ما كتبه "عبيد" بالقول: "إن العلاقة الباردة بين البلدين هي بسبب انخراط السيسي في المحور الروسي الإيراني".

البيئة الإقليمية المحيطة بمصر والبيئة الداخلية محتقنة للغاية وطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية الراهنة والتحديات التي تواجه دول الخليج والتي تضغط بقوة على صناع القرار فيها وبخاصة في داخل أكبر الدول التي دعمت السيسي وهما السعودية والإمارات لإعادة تقييم العلاقة مع نظامه.

فالتقارب المصري الروسي والذي بلغ تدشين تحالف جديد ذو طابع عسكري في أعقاب حادث تفجير الطائرة الروسية في سيناء مثل ذروة نموذج التعارض الفج في المصالح وضروريات الأمن القومي الخليجي، فمصر تقترب من محور "موسكو - طهران" والذي يدخل في صراع وجودي ومصيري مع السعودية بأهم مناطق حيوية تهدد أمنها في سوريا والعراق واليمن وحدودها الجنوبية، كذلك كشف حادث إسقاط الطائرة الروسية التي انتهكت الأجواء التركية عن إصرار نظام السيسي على تفضيل علاقاته بالمحور الروسي المعادي لتركيا.

في الوقت نفسه أعلنت تركيا أنها اتفقت مع السعودية على بدء تشكل تحالف إقليمي لمكافحة الإرهاب، فماذا سيكون موقف نظام السيسي منه خاصة وأنه من المتوقع أن يضمن قوات برية، وبذلك أصبح هذا النظام عبئا على أي تحالف عربي إقليمي بل معوق أحيانا لتقدمه.

انفجار الداخل يفرض بدائل

تتصاعد تفاعلات البيئة الداخلية بمصر أيضا وتعجل هي الأخرى بتهديد نظام السيسي وسط مطالبات بانتخابات رئاسية مبكرة "انتخابات مبكرة ديمقراطية أو الفوضى". قالها المرشح الرئاسي السابق في مصر عبد المنعم أبو الفتوح في آخر تصريح أدلى به.

"الحوار أو الطوفان".. صيحة أطلقتها حركة شباب السادس من أبريل في آخر بيان نشرته عن الوضع في مصر، كلها دعوات تنطلق من شعور واضح بالخطر، وذهبت حركة 6 أبريل لأبعد من مجرد الحوار، فاقترحت تشكيل حكومة تكنوقراط تخرج البلاد من أزمتها الاقتصادية وترسيم العلاقات العسكرية المدنية.

وتعليقا على بيان حركة 6 أبريل قال أستاذ العلوم السياسية في معهد الدوحة للدراسات العليا خليل العناني: إن البيان يأتي في إطار استشعار الخطر تجاه انفجار ما يوشك أن يحدث في مصر.

وعقب مكتب جماعة الإخوان المسلمين المصريين في المنفى، بأنه يوافق على أي حوار يتبنى رحيل نظام الجنرال السيسي. وبحسب البيان الذي نشر على الموقع الرسمي للجماعة، قال المكتب: "إن أعضاء مكتب الإخوان المسلمين المصريين بالخارج لديهم استعداد للتعاون مع الفصائل السياسية والمجموعات الثورية المختلفة، على أسس ثابتة في كسر هذا الانقلاب".

إذن هناك مجال لإنقاذ مصر بخيارات سياسية منها ضغط خليجي لتنحي السيسي أو دفعه لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أما ترك الأمور بلا تدخل فقد تدفع مصر لسيناريو الدولة الفاشلة في حال انتشار موجة من العنف المضاد لعنف الدولة أو نشوب حرب أهلية أو مع قيام ثورة جياع مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية، وهذا ما لا تحتمله الدول العربية والخليجية فانهيار مصر قد يدخل المنطقة بحالة من الفوضى وموجة من اللاجئين وتكرار السيناريو الليبي أو السوري.

المصدر : شؤون خليجية

Reactions:

تعليقات