نشر محفوظ الطويل والد إسراء نص رسالة تلقاها من ابنته المحبوسة منذ عدة
شهور بتهمة الانتماء لجماعة محظورة، تعتذر فيها عن بكائها في إحدى جلسات
محاكمتها.
تقول إسراء في رسالتها المبكية: “بابا حبيبي .. وحشتني
والله العظيم.. ما تزعلش عشان خاطري.. معلش والله أنا كنت بعيّط عشان
خايفة، وهحاول ما عيطش تاني.. ما تزعلش.. قريّب كلنا هنجتمع إن شاء الله”.
الوالد محفوظ الطويل كتب تعليقا على صفحته بالفيسبوك قائلا:
“لو
وقعت فتاة مصرية في الأسر، لكان لزاما على الدولة المصرية أن تجيش الجيوش
وتعد العدة، لتخليصها من الأسر، وكنت أنا وكل الأحرار جنودا في هذا الجيش.
أما
أن تكون إسراء الطويل بعكازها أسيرة في سجون الوطن، وتشعر بالخوف ممن
يفترض أنهم يجب أن يحموها، فهذا ما لا يمكن أن يتصوره عاقل ، أو حتى مجرد
إنسان طبيعي”.
وتساءل الطويل في تعليقه: “ماذا تقولون لبناتكم وأبنائكم حينما يسألونكم عن إسراء الطويل وكيف تنظرون في وجوههم؟”.
المصدر : متابعات
منذ فترة وأنا أريد أن أكتب عن الأستاذ محفوظ الطويل. نعم محفوظ الطويل وليس ابنته إسراء، وذلك قبل أن تخرج صورة عكاز إسراء، ثم صورة بكائها، وتتصدر الصفحات الأولى للجرائد، والأخبار الرئيسية للفضائيات.
لا أعرف الأستاذ محفوظ في الحقيقة، وإن كان صديقي على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ولا أذكر هل أنا من طلبت صداقته مع عدم المعرفة، وذلك أني كلما وجدت من يكتب كلاما موزونا أرسلت طالبا صداقته، أو أنه هو من طلب صداقتي، على كل الأستاذ محفوظ مواطن عادي، ورب أسرة، ليس شهيدا ولا معتقلا – والحمد لله – ولا مطاردا، يعمل في إحدى الدول الخليجية، تجد في منشوراته مواقف إيجابية، ومطالبة بالحق، وحب للوطن، وليس منتميا إلى أي من الأحزاب أو الجماعات الموجودة بمصر.
لا أكتب عن الرجل من باب الشفقة والأسى، وإن كان تخيل حال أب تخطف ابنته المريضة، وتخفى قسريا، وهي ليست شابا ليتحمل، ولا سليمة لتعتمد على نفسها، ولا يعلم أين هي ليطمئن، تخيل حاله شيء يدعو إلى الأسى. وإنما أكتب عليه من باب الإعجاب، والدعوة للاقتداء.
بمجرد اختفاء إسراء، تحولت الدائرة المحيطة بها إلى خلية نحل، لا تكل ولا تمل عن القيام بواجبها، ومن ضمن هذه الخلية والدها، يطلقون هاشتاج سهل ومعبر وبسيط #إسراء_الطويل_فين ؟ ويكتب الرجل على صفحته، باحثا عن ابنته، مدافعا بأفضل ما يكون الدفاع، حتى تحولت قضية إسراء إلى قضية رأي عام، وبدأت الصحف والمواقع الأجنبية في النشر، والرجل يجمع كل ذلك ويعيد نشره، ويضع صورها، ويكتب عن اهتماماتها البسيطة بأبوة ولوعة، ويصرح للفضائيات. لم ينكفئ على نفسه، ولم يقعده الحزن، وحمل معول إسراء يكسر به أركان الدولة المستبدة، كما لم يحسب حساب كونه مقيما في دولة كانت تدعم الانقلاب بأشد ما يكون الدعم، فليس بعد الضنى ضنى كما يقال.
لم تكن إسراء مشهورة قبل الاعتقال، وليست الفتاة الوحيدة في السجون المصرية، ولا الحالة المرضية الأصعب بالتأكيد، وليست صحفية من صحفيي الجزيرة المؤسسة ذات الشأن، بحيث تكون محط اهتمام الإعلام بهذا الشكل المكثف مؤخرا، ولكنها نموذج لما يمكن أن تقوم به الدوائر المحيطة بالمعتقلين من خدمة لقضيتهم العادلة.
لماذا إذن لا نهتم لأمر أربعين ألف معتقل، وعشرات البنات في السجون، لماذا لا نقوم بواجبنا نحوهم، لماذا لا نفعل مثلما فعل والد إسراء وأخواتها وأمها وأصدقائها؟ المسألة ليست نشر صورة عابرة لصديقك المعتقل، مع كلمات عاطفية صادقة، المسألة حملة لا تنتهي حتى تفرج عن المعتقلين ظلما، أو تفضح السلطة في العالمين. والانتصارات الصغيرة بالإفراج عن محمد سلطان، وعن صحفيي الجزيرة، وإن شاء الله عن إسراء، لا تخصم من القضية الكبرى، بل تضيف إليها، حتى يأتي اليوم الذي يفرج فيه عن الجميع.
الشيء الذي لا يصدق، أن يضحي الناس بحريتهم، أو بدمائهم، ولا نفعل لهم شيئا، ولا تفعل لهم المعارضة أو الجماعة التي ينتمون إليها شيئا يذكر. يقتل تسعة من قيادات الإخوان بأكتوبر، ويقتل قبلهم وبعدهم، ويمر الخبر مرور الكرام، خبر من ضمن الأخبار. إذا كانت جماعة الإخوان تعاني بالداخل، فماذا يفعل أعضاؤها بالخارج، لماذا لا يعرفون العالم بالقصة، لماذا لا يخبرونهم عن شاب أو فتاة أو عجوز أو مريض في سجون الانقلاب، لماذا لا يطلقون الهاشتجات تتبنى قضية بعينها، ويكتبون المقالات، وينشرون التقارير، ويترجمون الأخبار، ويستمرون في متابعة القصة، حتى تحقق أهدافها؟
وختاما، لقد كانت أمهات المختفين قسريا في الأرجنتين السبب الرئيسي لسقوط الانقلاب هناك، ويمكن أن يكون ذوي المختفين قسريا، والمعتقلين والمسجونين ظلما وعدوانا سببا في سقوط الانقلاب العسكري في مصر.
و #التحية_لمحفوظ الطويل و #الحرية_لإسراء_الطويل
تعليقات
إرسال تعليق